الثلاثاء، 16 يوليو 2013

في ماذا ستفيدنا الأمازيغية ؟



كثيرا ما يطرح السؤال؛في ماذا ستفيدنا الأمازيغية أو ماذا ستعطينا  الأمازيغية؟ وماذا ستغير  الأمازيغية من الوضع الاجتماعي والاقتصادي  للمغاربة؟ وكم سيكلفنا ترسيم الأمازيغية؟ كما يتساءل البعض عن الإنتاج  باللغة الأمازيغية,فيقولون مثلا؛كم كتبا ألفت بالأمازيغية؟لكنهم في المقابل  لا يتساءلون كم فرصة منحت للأمازيغية لتفرض ذاتها؟ كيف نتساءل ونقيم  الإنتاج الأدبي الأمازيغي دون أن نستحضر ما عانته وما تعانيه من تهميش  وإقصاء وتحقير,بل ومحاولة إماتة وإقبار؟
إن الذين يطرحون مثل هذه الأسئلة إنما يعبرون عن موقف نفعي برغماتي في  تعاملهم مع الأمازيغية,والغريب,وكما العادة فهؤلاء لا يكلفون أنفسهم عناء  طرح نفس الأسئلة عندما يتعلق الأمر بالعربية, كأن يتساءلوا مثلا؛في ماذا  أفدتنا العربية طيلة هذه القرون؟ وماذا استفدنا من سياسة التعريب غير تخريب  التعليم وتهميش الثقافة الوطنية واستلاب ثقافي خطير واحتلال أسفل سافلين  من رتب التعليم؟ لم يتساءلوا يوما عن حجم ملايير الدراهم  من المال العام  استثمرت لخدمة و تنفيذ سياسة التعريب؟
لا يمكن بتاتا أن ننكر ما حققته اللغة العربية من مكاسب اقتصادية  واجتماعية وثقافية يضيق المجال هنا لذكرها,لكن إذا كان هذا هو حال اللغة  العربية التي استثمرت فيها أموال ضخمة لقرون,فإن الأمازيغية هي الأخرى  ستحقق مكاسب اقتصادية واجتماعية وتنموية وثقافية مهمة,لو أتيحت لها الفرصة  وجندت لها كل الوسائل المادية والمعنوية و اللوجيستيكية,وقبل هذا وذاك  الإرادة السياسية.
أكيد أنه لو توفرت للأمازيغية كل الإمكانيات لازدهرت ولازدهر بازدهارها  الإنتاج العلمي والأدبي والسينمائي والمسرحي,ولانتعشت الحياة الثقافية بصفة  عامة,ولانتشرت دور وشركات النشر والطبع المختصة في نشر المنتوج  الأمازيغي,والصحف والإذاعات والقنوات التلفزية الأمازيغية,و لا غرو حينئذ  أن هذا سيوفر موارد اقتصادية هامة ومصدر رزق للكثير من الناس,فمن ناحية  التشغيل مثلا,فازدهار الأمازيغية ودخولها لكل المؤسسات التعليمية والإدارات  والصحف…سيوفر مناصب شغل كثيرة من معلمين وأساتذة و مفتشين وصحافيين  ومترجمين,حيث ستنتعش الترجمة من وإلى الأمازيغية,وسيتمكن غير الأمازيغ من  الإطلاع على ثقافة وعادات هؤلاء من خلال الترجمة,وسيعرف الموروث الشفوي  الأمازيغي الغني والزاخر بالحكايات و القصص والعبر والأمثال والألغاز طريقه  إلى العالمية.
من الناحية التنموية فالأمازيغية ولا شك ستساهم في إنجاح الكثير من  “مشاريع التنمية”,إذ لا يمكن إغفال أهمية هذه اللغة في تقريب هذه المشاريع  من السكان وتوضيح أهميتها وفوائدها بالنسبة للسكان وتشجيعهم على الاستثمار  في مناطقهم,ومن ناحية التوعية الصحية والبيئية فالأمازيغية ضرورية,إن نحن  أردنا فعلا أن يكون لهذه التوعية مفعولها,وقد أدركت بعض الشركات أهمية  الأمازيغية في الإشهار للترويج وتسويق منتوجاتها,فأصبحت توظف الأمازيغية  وبكثرة في إعلاناتها الإشهارية سواء المكتوبة أو المسموعة,وهنا لا تخفى  علينا أهمية الموارد المالية الطائلة التي تجنى من الإعلانات واللوحات  الإشهارية,ولا تخفى علينا أهمية الإشهار في تسويق المنتوج,وهنا تظهر أهمية  و”فوائد” الأمازيغية .
إن أهمية الأمازيغية لا تقف عند هذا الحد,بل إنه في نظري لا يمكن  للمغربي أن يكون مغربيا إلا إذا كان يعرف الأمازيغية,فالكثير من المعلمين  مثلا والأساتذة و القضاة والشرطة يجدون صعوبات كثيرة في التواصل والتفاهم  مع التلاميذ والمواطنين,مما يضيع معه الكثير من مصالح الناس,الذين يواجهون  نفس مشكل التواصل,وهنا تظهر مرة أخرى أهمية الأمازيغية من الناحية  القانونية,فالمقولة القائلة ب” لا يعذر أحد بجهله للقانون”,لا معنى  لها,ويجب في الحقيقة أن تصبح” لا يعذر أحد بجهله للأمازيغية”,إذ كيف يعقل  أن نحاسب شخصا لا يعرف أصلا ما هو القانون ولا ماذا يعني؟ وكيف ستكون نتيجة  الاستفتاء على دستور ما مقبولة,في حين أن أغلب الناس لا يعرفون أصلا ما  المقصود بالدستور,بل و يجدون أنفسهم ولغتهم مقصيين في هذا الدستور؟
هكذا إذن تظهر أهمية الأمازيغية في شرح وتوضيح القانون والدستور للناس  بلغتهم,وحينها تصبح مقولة” لا يعذر أحد بجهله للقانون” ممكنة التطبيق.
إن استعراضنا وباختصار لبعض المجالات التي يمكن أن تساهم فيها  الأمازيغية,وبالأخص الجانب الاقتصادي والاجتماعي,لا يعني أننا ممن يتعامل  معها تعاملا برغماتيا نفعيا,ولا يعني أننا نتفق مع أولئك الذين  لا يفكرون  إلا ببطونهم ولسان حالهم يقول”كم ستعطيني الأمازيغية كم سأتفق مع  ترسيمها”,فاللغة هي أحوج إلى من يفيدها و يعطيها,فالذين منحوا حياتهم للفكر  واللغة والأدب لم يتساءلوا يوما ماذا سيمنحهم ذلك؟بل إن منهم من وهب حياته  وماله في سبيل العلم والمعرفة والأدب,ويكفي أن نعرف أن من كبار العلماء  والأدباء من مات فقيرا.
خلاصة القول فإن ازدهار الأمازيغية يعني ازدهار المجتمع المغربي وخلق  فرص كثيرة للتنمية,وهذا ما لا يريده لها أعداؤها الذين يتمنون بقاء الوضع  على ما هو عليه,ليبقوا على استحواذهم وهيمنتهم على كل مصادر الثروة والمال  والإعلام.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق